Monday, February 4, 2019

الجوهرة

 استعاد شريط ايامكم  وهو يستمع الى موسيقى منير بشيروكأنه فلم سينمائي قديم  وتذكر ليلتها عندما قلتِ انها من المفضلات لديكِ . 

    اووووه ما اشقى ليالي الحنين الشتائية الباردة وقد استهدفته في اضعف موقف انساني -الحب وما عساه يفعل حياله؟ فها هو مازال يتجرع كأس الفراق بعد ان كنتِ وطنه في المنفى وهل هناك اقسى من ان يفقد الرجل الوطن مرتين ؟ 
حاورك بالامس بالقلب واجبتيه بالعقل وما بين هذا وذاك كم تاهت خطى وتتيه.حاول جرب لكن بدون فائدة فعنادك عناد طفلة مدللة لم تدعكها الحياة بقسوتها.
       صباحا استيقظ خالد متأخرا كعادته اعد فنجان قهوته بدون سكر كما اوصيتيه وأعد تفاحة وقليل من ذكرياتك ليبدأ بها صباحه , ارتدى ثيابة بدون انتقاء كمن ذاهب الى مقر عملة ناقما على الدنيا وما فيها ,مر ببائع الجرائد واشترى حصته اليومية كالعادة وضعها تحت ذراعه وبدأ سيره بأتجاه سوق بارفوزربلاتز حيث يقطن في هذه المدينه الباردة الروح واخذ يتصفح واجهات المحلات كأوراق جريدته واخذ يقارن بينهما فكلاهما انيق راقي مدروس بعناية لكن مشكلتهما البروده تنساب من خباياهم فالاخبار لا يوجد فيما جديد سوى الصراع بين الناخبين حول الاستفتاءات بخصوص المهاجرين الجدد والضغط عليهم لتقييدهم , بينما المحلات خاليه صباحا من زوارها فهم من ذوي الطبقه الغنية والتي لا يتبضع اصحابها  في اوقات الصباح . وتوقف عند محل مجوهرات لا يشبه باقي المحلات سوى بنظافة واجهته فقد كانت البساطة في تصميمه هو ما يميزه ويدل على انه قد يحوي مجوهرات اسعارها في متناول اليد ,قرر خالد ان يلقي نظرة على الداخل فصعد اول درجة للمحل واذا بها مرصوفة بقطعه من المرمر الايطالي غامق اللون يتخللها شعاع مميز كأنه الشمس , حرك مقبض الباب البرونزي وفتح باب المحل واذا بجرس يتحرك بإنسيابيه نتيجة فتح الباب فتنبة البائع الستيني ذو اللحية البيضاء والعيون كأنها بحر تركوازي اللون ورسم ابتسامة تشوبها نظرة استغراب ,فالزبون ليس من رواد المحل ولا الوقت هو وقت تسوق هذا النوع من الزبائن. 
      اخذ خالد يجول في المكان بعينه بدون اي حركة بحيث لا يسمع في المكان سوى صوت ميل ثواني ساعه المحل وهي تعد الى اللانهاية كأنها الابدية . 
       وبعد عدة دقائق يتجرأ ويسأل عن قطعة ماسية مصاغة بدقه وعناية .لابد ان من صانعها امرأه وتعرف جيدا ان قيمة  المجوهرات مثل الاولاد في هذه الدنيا استثمار على المدى الطويل وكلما تعبت في تربيتهم وتنشأتهم بشكل افضل ستحصل بالنهاية على فرد جيد في المجتمع. 
      فطلب من البائع ان يراها على قرب ففتح البائع الخزنه الزجاجية بعد ان ارتدى قفاز اسود وسحبها برقة نحو الزبون فأخذ خالد يتفحص سطحها وجمالها .بالضاهر هي بسيطة لكنها مليئه من الداخل بكم هائل من التفاصيل والانكسارات وحتى بعض العيوب بسبب العمل اليدوي , وبسبب عيوبها لم تكن محط انضار الطبقة الغنية اصحاب المضاهر فهؤلاء يهمهم الشكل الخارجي وكل عيب يجدوه يعتبر محرم وكأنهم خالين من العيوب . 
 على الرغم من انها عادية الا ان هناك ما يميزها وهذا لن يلاحظة ويفهمه  الا اصحاب ذائقة معينه كما كان خالد ,فطلب ان يزنها كي يقيم سعرها . فأبتسم البائع متيقنا ان الحظ لعب لعبته ليبيع جوهرته صباحا . 
أخبره بسعرها  فأنصعق خالد كونه لم يكن يملك ثمنها واعاد حساباته المادية على مدى الاشهر القادمة علة يجد وسيلة ليشتريها لكن يا للحسرة ففي هذه البلدان الباردة الاحساس لا احد يقدّر قيمة الحاجات المعنوية والانسانية مقارنتاً  بالضرف المادي.